عبقري أم مجنون؟ قصة الرجل المتمرد الذي تعلم لغة أجنبية من أجل قراءة كتاب واحد فقط
في عام 1984، أصدر عالم الرياضيات العبقري ألكسندر غروتينديك كتابه المشهور (Esquisse d’un Programme) وهو عبارة عن بحث في الهندسة الجبرية. الانتشار والشهرة التي حققها هذا الكتاب بين أوساط المهتمين بالرياضيات كان يشبه تماماً نفس الانتشار والشهرة التي حققتها رواية “هاري بوتر” فور صدورها في السنوات القليلة الفائتة.
فعلاً بدون مبالغة، قد ذاع صيت هذا البحث بطريقة ليست لها مثيل، حتى أنه فور نشره -وحتى يومنا هذا- أصبح مرجعاً هاماً لعلماء الرياضيات من جميع أنحاء العالم وذلك لأنه تناول طرق عبقرية في حل بعض المشكلات الرياضية العالقة واحتوى على الكثير من القوانين التي كانت السبب في ميلاد النظرية الحديثة للهندسة الجبرية.
المتمرد الذي كان يراقب الأمر عن كثب
المهم حتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ، في تلك الأثناء التي صدر فيها هذا البحث، وفي خضم النقاش والجدال والحوار والنقد والغبار الذي واكب هذا الإصدار، كان هناك عالم روسي شاب يراقب هذه المعمعة عن كثب، هذا العالم هو فلاديمير فويفودسكي.
فماذا يفعل يا ترى؟
بالطبع، يتصرف كأي شخص طبيعي، ينتظر قليلاً حتى تصدر ترجمة للبحث ومن ثم يمكنه الاطلاع عليه، بسيطة أليس كذلك؟ لا، ليس كذلك!
كان فلاديمير فويفودسكي عالم رياضيات عبقري يختلف عن أي شخص طبيعي، لذا اتخذ قراراً مختلفاً، فقد قرر الرجل أن يتعلم اللغة التي كُتب بها البحث.
فهل نجح في تعلم هذه اللغة؟
نعم بكل تأكيد، ليس هذا فحسب، بل أضاف إلى البحث الأصلي عدة تعديلات وتفسيرات طبقت شهرتها الأفاق واضيفت إلى البحث الأصلي حتى أضحت جزء لا يتجزأ منه وكان من نتيجة ذلك حصوله على وسام فيلدز في عام 2002 وهو أرفع وأهم جائزة في الرياضيات، حتى أن الكثير يطلق عليها “نوبل الرياضيات”.
تعلم لغة أجنبية عمل شاق … لكن تعلم لغة أجنبية من أجل قراءة كتاب واحد ضرب من الجنون أو نوع من أنواع التمرد، وأحياناً هناك ثمة أمور في الحياة تحتاج إلى شيء من التمرد وقليل من الجنون لكي تُنجز…
ما يعطي الحياة معنى هو شكل من التمرد، التمرد ضد العقل، الاصرار على الايمان بشغف فيما لا نستطيع الايمان به عقلياً، معنى الحياة يوجد في الشغف، الشغف الرومانسي والشغف الديني والشغف بالعمل واللعب، التزامات شغوفة في مواجهة ما يعرفه العقل انه بلا معنى – Robert C. Solomon, Spirituality for the Skeptic: The Thoughtful Love of Life
كيف تتعلم لغة أجنبية بسرعة؟
هناك طرق كثيرة، وعليك أن تختار منها ما يناسبك، قصة اليوم التي أوردناها في هذا المقال تتشابه مع قصة تعلم “أنور السادات للغة الألمانية والتي نشرنها على صفحات المدونة من قبل، يمكنك الاطلاع على تفاصيلها من هنا …
أتفق معك أن الأمر شاق وصعب لكنه ليس مستحيلاً طالما توافرت لديك إرادة حقيقة يمكنك تحقيق أي شيء. نعم، أي شيء، أنت نفسك عزيزي القارئ الأشياء العظيمة التي أنجزتها في حياتك كانت نتيجة كفاح وتعب ومشقة وإصرار، راجع نفسك لتثبت صحة ادعائي هذا.
إن العيش لمجرد الاستمتاع هو طموح مشروع ذو طابع حيواني، ولكن الإنسان، الجنس البشري العاقل، إذا عاش لمجرّد الاستمتاع يكون بذلك قد قنع بأقلّ القليل. ولنتميّز عن باقي الحيوانات، لتبرير مرورنا عبر الأرض، ينبغي علينا أن نطمح إلى أهداف أسمى من مجرد تحقيق المتعة. إن تحديد الأهداف يميّز الرجال عن بعضهم البعض وليس الأهمّ هو تحقيق تلك الأهداف، بل الكفاح من أجلها – Héctor Abad Faciolince, El olvido que seremos
اقرأ أيضاً:
قصة رائعة ملهمة جدًا شكرًا لك أستاذ حسن على النشر
في ألبداية اصابني هذا العبقري بالذهول ولكن لعلمي أن أي أنسان مع الاصرار وعم اليائس يستطيع ان يحقق مايجول في خاطرة مهما كانت الامور للوهله الاولي امامه صعبة ومستحيلة
قصة رائعة ، تؤكد على مقدرة الانسان على التحدي والفوز فيه ، طالما ان لديه ارادة.
مساء الخير الارادة الذاتية اقوى من اي شئ شكرا
قصة رائعة جدا وتجعلنا نؤمن بانفسنا اكثر وانه لايوجد المستحيل
قصّة مُلهمة.